وديع سعادة - الطريق
النص التالي هو عبارة عن مقتطفات من نص نثري للشاعر والكاتب الجميل وديع سعادة، بعنوان "الطريق". جمال نصوص سعادة، باعتقادي، يكمن في حث القارئ على الشفافية، التي كلما ازدادت فيه، زاد تذوّق النص الأدبي لديه، وخلق علاقة شخصية معه بناءً على تجارب خاصة، لأن نصوصه عادة ما تتمحور حول مشاهد يمكن للكثيرين أن يمسّوها، خاصة ولو تركوا خيالهم في الباحة بلا رقابة. النص : ...وحين نأى هدأت الريح. كان في العاصفة. مقتلَعاً مخلَّعاً مشلَّعاً. رأسه في مكان، يده في مكان، قلبه في مكان، وعبثاً حاول جمع أعضائه. لم يكن له اسم. سمَّاه بعضهم "منحرفاً" لأن لا طريق له، وسمَّاه بعضهم "هابّاً" لأن لا مقعد له، وسمَّاه بعضهم "غباراً" لأنَّ كلَّ شظيَّة منه في مكان. كانت له أسماء كثيرة استحال جمعها في اسم. كانت له أسماء كثيرة، ولم يكن له اسم. الذي بلا اسم كان في العاصفة وكانت ترتطم به طيور ميْتة تحملها الرياح وغصونٌ متكسّرة وجمعٌ مرتجف لا يعرفه. سمع أصواتاً تصرخ: "أيها العالَم ! أيها العالَم !". ولمستْه جموع، لمسه العالَم، ولم تخرج منه أيَّة قوَّة. لم يكن هو ال...
Comments
Post a Comment